د. سهيلة زين العابدين حمّاد
الجمعة2/3/2018م

  أواصل
مراجعاتي على الدكتور يوسف زيدان حول زعمه أنّ لليهود حقًا في الأراضي العربية من
النيل إلى الفرات، طبقًا لسفر كتبه وُضّاع التوراة ، وقد بيّنتُ في الجزء الأول من
هذه عدم صحة العهد القديم لتناقض رواياته ؛ إذ كُتِب على مدى 1100 عام، واليهود
الصهاينة يُريدون أن لا يقتصر امتداد دولتهم من النيل إلى الفرات، بل يريدونها أن
تمتد شمالًا إلى الأرز (لبنان) وجنوبًا النخيل( الجزيرة العربية) ويدخل ضمنها
المدينتان المقدستان مكة المكرّمة والمدينة المنورة، لتكون المقدسات الإسلامية
الثلاث في قبضتهم وتحت سيطرتهم، فتهاوننا في جعلهم القدس عاصمة أبدية لهم سيجرأهم
على السيطرة على مكة الكرّمة والمدينة المنورة.
  فمن
المعروف أنّ مخطط الصهيونية العالمية تقويض الأديان والسيطرة على العالم وهذا ما
نصت عليه بروتوكولاتهم؛ إذ  جاء  في البروتوكول الرابع عشر “حينما نمكن
لأنفسنا سنكون سادة الأرض لن نبيح قيام أي دين غير ديننا، أي الدين المعترف
بوحدانية الله الذي ارتبط باختياره إيانا كما ارتبط به مصير العالم، ولهذا السبب
يجب علينا أن نحطم كل عقائد الإيمان، وإذ تكون النتيجة المؤقتة لهذا هي إثمار
ملحدين، فلن يدخل هذا في موضوعنا: ولكنه سيضرب مثلًا للأجيال القادمة التي ستصغي
إلى تعاليمنا على دين موسى الذي وكل إلينا بعقيدته الصارمة ـ واجب إخضاع كل الأمم
تحت أقدامنا .؛


    وليتسنى
لهم تقويض الأديان يسعون للسيطرة على المقدسات الدينية للإسلام والمسيحية. ولما
كانت الكعبة المشرفة بيت الله وقبلة المسلمين فهم يريدون السيطرة عليها، وبما
أنّهم يتشدقون بالحق التاريخي الذي ساعدهم العالم الغربي على اتخاذه ذريعة لتحقيق
مخططاتهم مع العلم بأنّ الاحتجاج بالحق التاريخي يحدث فوضى في العالم ويغرقه في
حروب دامية لا نهاية لها، لأنّ كل من استعمر بلد أو إقليم أو لجأ إليه أو هاجر
إليه، يعمل على احتلاله والسيطرة عليه لغرق العالم في بحور من دم؛ لذا نجد اليهود
الصهاينة الآن يرددون مقولة انتحال الإسلام لشخصية إبراهيم اليهودي، مع أنّ الله
جل شأنه أوضح في القرآن الكريم (ما كان إبراهيم يهوديًا ولا نصرانيًا ولكن كان
حنيفًا مسلمًا وما كان من المشركين) [1]
وتركيز
اليهود الصهاينة في بحوثهم على مقام سيدنا إبراهيم مثلما خلص إليه المستشرق
الإسرائيلي “ويكرت” في أطروحته من الادعاء بأنّ النبي إبراهيم مؤسس أول
دين توحيدي “هو الدين اليهودي” قبل أربعة آلاف سنة، هو الذي عرف العرب
مقامه في الجاهلية، ويضيف: “مع بروز فجر الإسلام كدين توحيدي عربي، احتل
إبراهيم الخليل مكانة مرموقة، وورد ذكره في 25 سورة من سور القرآن ، كما احتل
مقامه مكانًا بارزًا اتخذه المسلمون مصلى لهم يؤدون من ورائه ركعتين بعد إنهاء
الطواف في رحاب ساحة الكعبة ، وأصبح إبراهيم (عليه السلام ) يمثل تراثًا دينيًا مشتركًا
لليهود والمسلمين” ثم يقول عن مقام سيدنا إبراهيم أهمية في مناسك الحج، أنّه
عنى بدراسة هذا المقام وأهميته في طقوس الحج إلى بيت الله الحرام منذ الجاهلية حتى
يومنا هذا العمل فيها عبرة لمن يعتبر[2].
وهو
بعبارته الأخيرة يرمي إلى أهداف جد خطيرة قد أفصح عنها أحد القادة الإسرائيليين
“هرتزوغ” عندما قال لامرأة فلسطينية  ضيق عليها اليهود الخناق حتى هدموا دارها
بالجرافات، فآثرت الرحيل إلى المملكة العربية السعودية حيث يعيش أبناؤها:
“إذا رأيت الملك فيصل فقولي له إنّنا قادمون إليه، فإنّ لنا أملاكًا عنده،
إنّ جدنا إبراهيم هو الذي بنى الكعبة، وأنّها ملكنا وسنسترجعها بكل تأكيد”.
فعلى أي أساس يأتي د. زيدان ،
ويعطي لهم حق في الأراضي العربية الممتدة من النيل إلى الفرات مرددًا مزاعمهم
طبقًا لتوراتهم التي كتبها وضّاع التوراة الذين منهم عزرا الورّاق؟؟؟
وبالرغم
من أنّ اليهود يدركون تمامًا عدم صحة ما يستندون عليه كمبرر لإقامة دولة لهم تمتد
من النيل إلى الفرات، إلّا أنّهم يعملون ويخططون لتحقيق هذه الأكذوبة ضامين إليها
المدينة وخيبر ومكة المكرمة بدعوى الحقوق التاريخية.
ولكن دعونا الآن نحلل هذه النصوص تاريخيًا ـ
مع تسليمنا أنّها ليست من عند الله، ولكنها من وضع وضاع التوراة ـ وأُناقش د.  زيدان الذي يردد مزاعم يهود اليوم  وأقول له:
أولًا : إنّ إبراهيم
عليه السلام لم يكن يهوديًا ولا نصرانيًا 
ولكنه كان حنيفيًا مسلمًا ، كما قال تعالى في سورة آل عمران آية 67 (ما كان
إبراهيم يهودياً ولا نصرانياً ولكن كان حنيفاً مسلماً وما كان من المشركين) .
ثانيًا
: أن نسل إبراهيم عليه السلام ليس قاصر على فرع إسحاق عليه السلام، وإنّما يشمل
نسل إسماعيل عليه السلام أيضًا ، ولكن وضاع التوراة فاتتهم هذه الحقيقة عندما
صاغوا هذا السفر “لنسلك أعطي هذه الأرض من نهر مصر إلى نهر الكبير”
وظنوا بذلك أنّه سيكون قاصرًا على نسل إبراهيم من إسحاق عليه السلام.
ثالثًا: وهنا أطرح هذا
السؤال:
هل يهود اليوم من نسل
إسحاق عليه السلام؟
في دراسة قام بها عالم
أنثروبولوجي بريطاني هو “جيمس فنتون “على يهود إسرائيل توصل فيها إلى
أنّ 95% من اليهود ليسوا من بني إسرائيل التوراة، وإنهما هم أجانب متحولون أو
مختلطون، وقراءة منا في تاريخهم الأنثروبولوجى توضح لنا هذه الحقيقة، فلنقرأه
معًا:
لقد
ولد أبناء إسرائيل، الأسباط الاثنا عشر وأختهم في فدان آرام في منطقة حران، حيث
مكث والدهم يعقوب في خدمة خاله لابان، مدة عشرين عاماً، أما الجيل الثاني من بني
إسرائيل فقد ولد معظمهم في أرض “جاسان” بمصر، لقد كان بنو إسرائيل، حتى
في عهد داود وسليمان، يقلدون الكنعانيين في كل شيء، ولم يكونوا بمعزل عن سكان
المنطقة حتى في الاختلاط بهم عن طريق الزواج.. فيوسف عليه السلام تزوج أسنات بنت
نوطي فارع، كبير كهنة مصر، فولدت له منسي وأفرايم، وموسى تزوج صفوة بنت شعيب مدين،
وهي بدوية أعرابية، كما تزوج تربيس، وهي امرأة كوشية “حبشية”، ولم تذكر
التوراة ولا غيرها أنّه تزوج بأخرى غيرهما، ويوشع بن نون تزوج راحاب الكنعانية.
ومن
هذا يتضح أنّ نقاء بني إسرائيل واتساع مملكتهم ليس سوى خرافة توراتية تلمودية،
فأبناء بني إسرائيل وأولادهم وأحفادهم بوجه عام تزوجوا من الشعوب التي عاشوا
بينها، وزوجوهم من بناتهم، واتخذوا لهم من أسمائهم أسماء، فإبراهيم، ويعقوب،
ويوسف، وإدريس، وإسرائيل، وناحور، وتارح، وصهيون، ويهوذا.. كلها أسماء كنعانية
كانت معروفة في بلاد الشام قبل قدوم إبراهيم عليه السلام إليها بقرون. وما لنا
نذهب بعيدًا أليس إبراهيم نفسه آراميًا 
عبرانيًا من أهل هذه المنطقة؟
وسفر
أشعيا ذكر القدس باسم عربئيل، ويعقوب سمي بإسرائيل نسبة إلى مكان قرب نابلس بهذا
الاسم، وصهيون اسم تل من التلال المبنية عليها مدينة القدس، ولقد خاطب حزقيال
القدسي بقوله: “أبوك عموري، وأمك حثية”.. على اعتبار أنّ أودني صادق،
وهو ملك القدس الكنعاني عندما دخل قوم موسى فلسطين، عموري وزوجته حثية، وكذلك فإنّ
الأعشى قد استخدم كلمة أورشليم في شعره وعنى بها القدس[3]
إن
أخلاط الشعوب الذين اعتنقوا التوراة والتلمود بعد تدوين التوراة والتلمود والذين
عرفوا باسم اليهود ،ليسوا كلهم من العبرانيين ولا من بني إسرائيل إلا القلة
القليلة منهم التي تعادل نسبه 5 % كما قال العالم الأنثروبولوجي البريطاني، ويبين
هذا تاريخ اليهود وخط سيرهم في رحلة الشتات بعد غزو تيطس الروماني لفلسطين،
فانتشرت جماعات منهم إلى شمال الجزيرة العربية واستقروا في تيماء وفدك ووادي القرى
وخيبر ويثرب، وجماعات منهم انتشرت في أوروبا، وأطلق عليهم اسم السفاراديم[4]
وتشتتوا في إنجلترا، وفرنسا، وألمانيا، وبلجيكا، والنمسا، وهولندا، وإيطاليا،
وسكونيا، وهنغاريا، وطردوا منها فاعتصموا بالدولة الإسلامية في الأندلس حتى خرج
العرب منها عام 1492م، فلجأوا إلى الدولة العثمانية في سالونيك حيث كانت مؤامراتهم
الخطيرة في إسقاط الخلافة والوصول إلى القدس، ويطلق على هؤلاء يهود التوراة[5].
أما يهود روسيا وأوروبا
الشرقية فأطلق عليهم اسم يهود التلمود أو الإشكنازيم[6]،
وهم ليسوا من نسل
إسرائيل وإنما ينحدرون إلى أصول مغولية تترية وفلاندية اعتنقوا اليهودية ديانة لهم
في القرن الثامن الهجري عندما اعتنقها ملك الخزر.
والخزر
أو أتراك الشرق ـ كما تسميهم المصادر العربية القديمة ـ يمثلون تحالفًا من الأقوام
البدوية الرحل قدموا من شرق أواسط آسيا خلال القرن السابع الهجري، وسيطروا على أرض
القوقاز في جنوب روسيا الواقعة شمال أذربيجان وأرمينيا بين الجانب الغربي لبحر
قزوين، والحدود الأوروبية لروسيا، واستطاع الخزر تكوين كيان سياسي لهم، وإن كانت
حدوده وعاصمته دائمة التغيير واستمر ثلاثة قرون إلى أن قضى عليه هجوم الروس
الشماليين عند نهاية القرن العاشر للميلاد[7].
وقد
اعتنق “بولان” خاقان “الخزر” اليهودية حوالي عام 740 هـ،
وتبعه أفراد حاشيته في ذلك، وقام الخاقان بعد ذلك ببناء خيمة المعبد على غرار ما
فعله موسى عليه السلام عند سفح سيناء، وفي عهد خليفة بولان اعتنق غالبية شعب الخزر
الديانة اليهودية، وتم بناء المعابد والمدارس لهذه الديانة في بلادهم، وهذا ما جاء
في رسالة تم العثور عليها مكتوبة بالعبرية، ومنسوبة إلى يوسف ملك الخزر في النصف
الثاني للقرن العاشر رداً على رسالة كان قد تلقاها من أحد يهود الأندلس[8].
وهذه
الواقعة لم يعلم بها أحبار اليهود إلا بعد حدوثها بقرنين من الزمان عن طريق
المصادر العربية، وقد نتج عن هذه الواقعة بيان أن يهود العالم الموجودين في عصرنا
الحديث ليسوا من أصل سامي ولا ينتمون إلى إبراهيم عليه السلام ولا إلى إسرائيل ـ يعقوب
ـ عليه السلام، كما يدعي اليهود اليوم.
وبسقوط
خاقانات الخزر أصبحت الأرض الممتدة غرب بحر قزوين شمال البحر الأسود إلى حدود شرق
أوروبا جزءً من الدولة الروسية المنتصرة، وتفكك التحالف الديني الذي ظل قائما
ثلاثة قرون من الزمان بين قبائل الخزر التي عادت إلى تجوالها السابق فانتشرت في
جميع روسيا وبلدان أوروبا الشرقية[9].
ومع
انتشار الخزر انتشر نوع جديد من اليهود وغير الساميين لا ينتمون إلى سلالة بني
إسرائيل الذين اعتنقوا اليهودية على بعض الهواة من اليهود من دون مباركة الكهنة
والأحبار، ولقد استطاع يهود الخزر السيطرة على زعامة الطوائف اليهودية في العالم
منذ إعلانهم تأسيس الحركة الصهيونية أو اليهودية السياسية بعد ذلك بثمانية قرون،
إذ انتشروا في أوروبا الشرقية وأوروبا الغربية، ثم هاجروا إلى أمريكا بعد
اكتشافها.
أما اليوم فإنّ الأمر
كله قد أصبح بأيديهم بعد أن أصبحوا بارونات المال والأعمال في أوروبا وأمريكا،
وبعد أن أصبح منهم غلاة الصهيونية وزعماء إسرائيل وحكامها.
وخلاصة
القول ـ كما يقول الأستاذ جمال حمدان “إنّ يهود العالم اليوم مختلطون في
جملتهم اختلاطًا بعد بهم عن أي أصول إسرائيلية فلسطينية قديمة حتى لم تعد هذه تمثل
في تكوينهم إلا قطرة في محيط، وإذا كان ثمة تحفظ ما، فهو أن هناك مراحل ودرجات من
هذا التخليط، فبعض الجماعات اليهودية، كيهود التركستان أقل تهجناً وتخلطاً والبعض
أكثر كالإشكنازيم، غير أنّ الحقيقة الحاسمة والفاصلة هي أنّ الأقل تخلطًا إنما
يمثلون عدديًا نسبة بالغة الضآلة من مجموع اليهودية العالمية، بينما أنّ المخلطين
تمامًا والذين ابتعدوا جدًا أو كلية عن الأصول الأولى يشكلون الأغلبية الساحقة
منهم، ومن هنا فلا جناح علينا إذا قررنا في النهاية أنّ اليهود اليوم ليسوا من بني
إسرائيل، وأنّ  ّهؤلاء شيء وأولئك شيء آخر
أنثروبولوجيًا، ولا رابط بين الطرفين إلّا الدين والدين وحده”. وكشف  الأستاذ جمال حمدان لهذه الحقائق من أسباب
اغتيال الموساد له.
إذًا
فنحن لو سلمنا جدلًا بصحة سفر التكوين عن ميثاق الله لإبراهيم، وإن سلمنا ـ جدلاً
ـ بمقولة الحق التاريخي ـ غير المعترف بها في القوانين الدولية ـ فلا يحق ليهود
اليوم الذين يكونون شعب دولة إسرائيل ولا شبر من أرض فلسطين لأنّهم ليسوا من نسل
إبراهيم عليه السلام، وحتى لو كانوا من نسله فلا يحق لهم تكوين دولة لأنّ توراة
موسى غير المحرِّفة حرّمت على اليهود تكوين دولة عقابًا لهم ، وهذا ما صرّح به
المتحدث الرسمي لحركة ناطوري كارتا ” الحاخام ديفيد وايس ؛ حيث قال : ” أنَّه
هو وجماعته لم يعترفوا ولن يعترفوا بدولة إسرائيل لأنَّها دولة ضد الله، فالله كتب
على اليهود أن يعيشوا بلا دولة عقابًا لهم على خطاياهم ، وأنَّ حركة “ناطوري
كارتا” تؤمن بالتوراة ، وبما جاء في التوراة بشأن عدم قيام دولة لليهود ، وأنَّ
على اليهود أن يعيشوا بسلام في البلاد التي تستضيفهم، وقد أحسنت ضيافتهم البلاد
الإسلامية على مر العصور ، وأنَّ إسرائيل لا حق لها ولا في بوصة واحدة من أرض
فلسطين ، وأنَّ أرض فلسطين من حق الفلسطينيين بأكملها 100% ، وأنَّ الفلسطينيين
مظلومون مضطهدون، وما تقوم به إسرائيل الصهيونية في فلسطين ضد الفلسطينيين جرائم
كبرى، وأنَّ ما يقوم به الفلسطينيون من أعمال مقاومة هو رد فعل للجرائم الصهيونية [10].
وأكّد على هذا أيضًا زعيم  حركة ناطوري كارتا  الحالي الراب
 “مائير هيرش”    في مؤتمر الأزهر العالمي لنُصرة القدس الذي
عقد مؤخرًا في القاهرة ؛ حيث قال :”
ليس هناك ثمَّة صلة لهؤلاء الصهاينة وقادتهم في تمثيل الشعب
اليهودي وليس لهم الحق في التحدُّث باسمه . إنَّ لفظة إسرائيل التي يستعملونها
ليست إلاَّ تزييفًا مُشينًا , وليس هناك ثمَّة ارتباط بين هؤلاء الصهاينة وقادتهم
وبين الشعب اليهودي وشريعته . فهؤلاء ليسوا يهودًا على الإطلاق
.من هنا نلتمس قادة
العالم الإسلامي ألاَّ يلقِّبوا هؤلاء بالإسرائيليين أو اليهود ،  فبذلك يمنحونهم الشرعية . وينبغي أن ينعتونهم
بالصهاينة المحتلين ، وأن يعلنوا أنهم ليسوا يهودًا على الإطلاق، ولا يرتبطون
بالشعب اليهودي ولا بتوراته . ليس لهؤلاء حق السيادة ولا على ذرة من تراب أرض
فلسطين . وأنَّ سيطرتهم على أرض فلسطين بقوَّة السلاح تناقض أحكام التوراة بصورة
مطلقة وخاصَّةً أنَّها جاءت على حساب سكان الأرض المقدسة من قدماء المسلمين
” ِثمّ أردف
قائلًا : “قسمًا بالله قد حُرِّم على اليهود إقامة أي حكم في فلسطين أو أيِّ
جهة من العالم وفق أمر التوراة ، حتى لو منحتهم الأمم المتحدة تفويضًا بذلك،
فليس هناك ثمَّة صلة أو
ارتباط بين السيطرة البربرية لهؤلاء وبين الشعب اليهودي الأصيل الذي يرفض بصورة
مطلقة حقيقة الوجود الصهيوني على أرض فلسطين”
[11]
أمّا
عن قول د. زيدان :” من جنوب العراق إلى دلتا مصر، في هذا القطاع الجرافي
المهول لا يوجد أحد غير العرب والعبرانيين”
  فهذه
مفالطة تاريخية كبرى ، فعندما يتحدّث التاريخ عن سكان وادي الرافدين وبلاد الشام
ومصر وحضارتهم، لم نجد ذكرًا للعبريين، لأنّهم قبائل لا وطن لها تتنقل بماشيتها
حيث الماء والمرعى ، ولم تُسهم في تكوين أية حضارة، والعبريون الذي أطلقوا على
أنفسهم بني إسرائيل ليتخلصوا من اسم العبريين المعبر عن مرحلة البداوة والتنقل
التي كانوا عليها انقرض معظمهم، ولم يتركوا حضارة على الإطلاق، بدليل لم يوجد له
أي أثر تاريخي في فلسطين، بشهادة علماء آثار يهود ومسيحيين ،  بينما تحدّث التاريخ عن حضارة قدماء المصريين
في مصر ، وحضارة الفينيقيين والكنعانيين في بلاد الشام ، والحضارات  الأكدية والبابلية والكلدانية والآشورية،  و بعض آثار جميع هذه الحضارات باقية حتى إلى
الآن، وإن تعمّد الأمريكان والبر يطانيون هدم بعض الآثار البابلية والآشورية في
العراق، ونهب المتاحف  إبّان غزوهما للعراق
عام 2003، وأكملوا هدم بعض هذه الآثار عن طريق داعش ، وكذلك هدم بعض آثار الآراميين
والفينيقيين في سوريا عن طريق داعش.
  
أمّا عن قول د. زيدان أنّ حرب التحرير عند اليهود، هي تحرير  فلسطين 
من الإنجليز، فهذه قمة التزييف في التاريخ ، سأبحثه في المراجعة القادمة؛
إذ لاتزال للمراجعات بقية.
البريد اليكتروني: Suhaila_hammad@hotmail.com



[1] . آل عمران : 167.
[2] إبراهيم عبد الكريم: الاستشراق وأبحاث الصراع لدى إسرائيل ص 188، 189.
[3] داود عبد العفو سنقرط: جذور الفكر اليهودي ص 17.
[4] أنور الجندي: المخططات التلمودية ص 34، لغة السفاراديم الأوروبيين هي اللغة
الأسبانية، وعند هجرتهم لإسرائيل تنازلوا عنها للغة العبرية الحديثة، وهي مزيج من
العبرية واليديش التي وضعها الحاخام بن يهوذا عام 1911م، لإحياء اللغة العبرية
وتلقينها لكل يهود العالم ليتخاطبوا بها “داود سنقرط: جذور الفكر اليهودي ص
49”
[5] أنور الجندي: المخططات التلمودية ص 34.
[6] لغة الإشكنازيم تسمى اليديش وهي لغة ألمانية الأصل مطعمة ببعض كلمات عبرية،
وتكتب بالحروف العبرية.
[7] أحمد عنان: تاريخ اليهود ص 133
[8] المرجع السابق ص 133.
[9] المرجع السابق ص 133.
[10] . سهيلة زين العابدين حمّاد: تساؤلات إلى الحاخام ديفيد وايس
ووقفات معه، ط1، سنة 1424هـ ـ 2003م، مركز الراية ، ومؤسسة الريّان، بيروت –
لبنان.
[11] . شاهد كلمة رئيس حركة ناطوري كارتا في مؤتمر الأزهر العالمي
لنصرة القدس
http://youtu.be/MUhuH0Hsgoc

Leave a Reply